الكشف عن خيوطـ
المؤامرة الكبرى للقضاء على الإسلام
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إنه ما من شك أن المؤامرات للقضاء على الإسلام بدأت مع بدء البعثة النبوية الشريفة ، وامتدت دون انقطاع في جميع العصور والأزمنة على مرّ التاريخ الإسلامي قديماً وحديثاً إلى يومنا هذا الذي نعيش .
ومن حق المسلمين اليوم أن يتساءلوا عن المؤامرة الحالية التي تحاك خيوطها في الظلام ضدّ أمّتهم ودينهم الإسلام العظيم بُغية القضاء عليه ، وأن يتساءلوا عن خيوط هذه المؤامرة المُبهَمة بالتضليل الإعلامي الموجَّه ، وعن أهدافها الغير مُعلنة برفع الشعارات البرّاقة والخادعة ، وعن أولئك الذين يخطّطون لها ويحيكون خيوطها في الظلام من أعداء الأمّة والدين من خارج العالم الإسلامي وداخله .
ومن هذا القبيل أضع بين أيديكم هذه الدراسة الموجزة للكشف عن خيوط هذه المؤامرة وأهدافها والمخطّطين لها ، وقد أسميتها ” المؤامرة الكبرى “ نظراً لمدى خطورتها ونتائجها المدمّرة على أمّة الإسلام ودين الإسلام العظيم في حال نجاحها وتحقيق أهدافها - لا سمح الله - .
وبعد :
فإنه منذ بداية تسعينيات القرن الفائت الميلادي بدأت هذه المؤامرة الكبرى للقضاء على الإسلام تدخل حيّز التنفيذ ، فقد أعلن الزعيم الأمريكي الأسبق ” بوش الأب ” آنذاك عن ولادة نظام عالمي جديد أصبح فيه العالم أحادي القطبية على إثر تفكّك الإتحاد السوفيتي وانهيار المعسكر الإشتراكي ، ومنذ ذلك الحين تفرّدت الإمبريالية الأمريكية بقيادة العالم لتبدأ مؤامرتها الكبرى والخبيثة ضدّ الإسلام والأمّة الإسلامية ، بمباركة ودعم وإسناد الصهيونية العالمية ومن ورائهما قوى الغرب الصليبي ، بعد أن تمّ استبدال الدائرة الحمراء في حلف شمال الأطلسي ” الناتو ” بالدائرة الخضراء للإشارة إلى استهداف الإسلام للقضاء عليه بعد أن تمّ القضاء على الشيوعية .
ثمّ على إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 ميلادية جاء الزعيم الأمريكي السابق ” بوش الإبن “ ليُعلن عن البدء بالحرب الصليبية على الإسلام والمسلمين ، فكانت حرب أفغانستان ثمّ حرب العراق ، وتسارعت بعدها الأحداث الساخنة في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي برُمّته لتكشف عن حقيقة هذه المؤامرة الكبرى للقضاء على الإسلام ، ومنذ متى بدأت ؟! وإلى أين وصلت ؟! وإلى أين ستصل ؟!
وفيما يلي أتقدّم بهذه النقاط الستة ، للوقوف من خلالها على أبرز معالم خيوط هذه المؤامرة الكبرى والخبيثة ، والمدى الذي وصلت إليه ، والمُنتهى الذي تصبوا إليه :
أوّلاً : ضرب الإسلام عن طريق شنّ الحملات المنظمة ضدّه من خارج العالم الإسلامي وداخله : وذلك كشنّ حملات التشكيك بصحّة القرآن الكريم والسنّة النبوية المُطهّرة ، وشنّ حملات التشويه لصورة الإسلام في العالم عن طريق إلصاق تهمة التطرّف والإرهاب بكلّ مسلم على وجه الأرض ، وشنّ حملات الطعن والتجريح بعقيدة الإسلام ورموزها الدينية عن طريق نعتها أنها وحي من الشيطان ، والإساءة المُتعمّدة لشخص الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم والنيل ما أمكن من أصحابه الغرّ الميامين الأطهار رضوان الله عليهم أجمعين .
ثانياً : ضرب الإسلام عن طريق الإمعان في تمزيق وحدة الأمّة الإسلامية وتفريق كلمتها وإحداث المزيد من الفوضى والقلاقل والفتن والحروب الطاحنة بين أبنائها ، تارةً بإثارة النعرات العرقية بين أبناء الأمّة الإسلامية الواحدة ، وتارةً أخرى بإثارة النزعات الطائفية فيما بينهم وضرب الفرق الإسلامية المتنازعة بعضها ببعض . وذلك أوّلاً : لإظهار الإسلام من الداخل على أنه دين تطرّف وإرهاب وعدم قبول الآخر حتى بين أبنائه ومعتنقيه فيما بينهم أو مع بعضهم البعض . وثانياً : لإحداث المزيد من التفرقة والتمزيق والإنقسامات الداخلية بين أبناء الأمّة الإسلامية الواحدة على قاعدة ” فرّق تسُد ” ممّا يحول دون الإلتقاء على كلمةٍ سواءٍ فيما بينهم للوقوف في وجه هذه المؤامرة الشنيعة للقضاء على الإسلام . وثالثاً : لإشغال وإلهاء المسلمين ببعضهم البعض وهدر طاقاتهم في النقاش والجدال وافتعال الأزمات السياسية الموهومة ذات الضجّة الإعلامية الفارغة مع الإغراق في تحليل أدقّ التفاصيل ، وإبراز أوجُه الخلاف فيما بينهم وإقامة الحُجج والبراهين على بعضهم البعض لإثبات صحّة معتقدات فرَقهم الدينية وآراء علمائهم الفقهية ومواقف دوَلهم السياسية ، وبالتالي صرف أذهانهم جميعاً عن خيوط المؤامرة الكبرى التي تحاك في الظلام للقضاء على الإسلام ، وسحب البساط من تحت أقدامهم جميعاً في غمرة إنشغالهم بما لا يُجدي نفعاً ولا طائل منه .
ثالثاً : دعم وإسناد ” العلمانيين الجُدد “ في العالم الإسلامي ، وتقديم رموزهم كدعاة للتحرّر والديمقراطية والعولمة وحقوق الإنسان ، من أجل جعلهم البديل السياسي المطروح في مقابلة علمانيّي الأنظمة الحاكمة الحالية الطاغية والمُستبدّة بشعوبها بعد أن قامت أمريكا بتعريتها وكشفها على الملأ ، والقصد من إحداث هذا التغيير السياسي في العالم الإسلامي هو الإنتقال بالوضع السياسي القائم حالياً في العالم الإسلامي إلى وضع سياسي متقدّم ونهائي في القضاء على الإسلام – حسب تصوّر الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية – والفارق بين الوضعَين هو أن الوضع السياسي الحالي في ظلّ علمانيّي الأنظمة الحاكمة يكتفي بتعطيل دين الله وتعطيل شريعة الإسلام في حين أن الوضع السياسي المأمول لديهم أي أمريكا واليهود في ظلّ ” العلمانيين الجُدد ” يُمكّن من تبديل دين الله بدين العقل والهوى واستبدال شريعة الإسلام بشريعة الغرب والغاب ، وبمعنى آخر الإنتقال بالوضع السياسي في العالم الإسلامي من دور التجميد والتعطيل للإسلام إلى دور الإلغاء والتبديل للإسلام في صعيد القضاء على الإسلام .
رابعاً : الإمعان في تنفيذ المزيد من سياسات التعهير الإجتماعي لمجتمعات العالم الإسلامي بقصد تفريغ هذه المجتمعات من الدين والخُلُق أي الإسلام ، وتنفيذ المزيد من سياسات التجهيل التعليمي المُتّبَعة في المناهج الدراسية بقصد تفريغ عقول الأجيال المسلمة من أيّ محتوى ثقافي وحضاري إسلامي ، وتنفيذ المزيد من سياسات التضليل الإعلامي الموجّه من قِبَل الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية بقصد توجيه أفكار ومشاعر الأفراد والجماعات في العالم الإسلامي – بما يشبه خطوط السكك الحديدية في الواقع – على النحو الذي يخدم مصلحة أمريكا واليهود في تحقيق أهداف هذه المؤامرة الكبرى على الإسلام ويساهم في إنجاحها . والقصد من ذلك كلّه إنما هو تهيئة هذه المجتمعات والجماعات والأفراد في العالم الإسلامي للمشاركة الفاعلة في إحداث التغيير السياسي المطلوب – وهو المشار إليه آنفاً – للإنتقال إلى وضع سياسي جديد بعلمانية جديدة وحكام جُدُد وطريقة جديدة في العيش والحياة ترضى عنها الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية تمام الرضى وتقبلها تمام القبول .

إرسال تعليق