نبيل لوقا بباوي
هو
الدكتور المصري، نبيل لوقا بباوي، مواليد قرية بهجور، نجع حمادي، محافظة
قنا عام 1944،تخرج في كلية الشرطة عام 1966 حصل على 2 دكتوراة، إحداهما في
الاقتصاد والأخرى في القانون، عمل أستاذا للقانون في كلية الشرطة، وخرج
على المعاش برتبة لواء عام 1992
ناقش
فى شهر 6 / 2004 دراسة في الفقه الإسلامي عن حقوق وواجبات غير المسلمين في
الدولة الإسلامية. وذلك من خلال دكتوراة ثالثة أشرف عليها د. حمدي
زقزوق وزير الأوقاف المصرية. ويستعد حاليا لمناقشة رسالة دكتوراة عن
الدور الوطني للكنيسة المصرية وأثره على الأمن القومي، تحت إشراف الدكتور
زقزوق أيضا بالاشتراك مع البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية.
ومن أهم مؤلفاته:
“الوحدة الوطنية.. نموذج طنطاوي وشنودة”، و”الوحدة الوطنية ومأساة
التعصب”، و”السيدة العذراء وادعاءات المفترين”، و”السيد المسيح وادعاءات
المفترين”، و”مشاكل الأقباط في مصر”، و”خطورة مناقشة العقائد في الإسلام
والمسيحية”.
وفي الجانب الإسلامي:
“محمد الرسول صلى الله عليه وسلم وادعاءات المفترين”، و”انتشار الإسلام
بحد السيف بين الحقيقة والافتراء”، و”الإرهاب ليس صناعة إسلامية”، و”زوجات
الرسول والحقيقة والافتراء في سيرتهن”، و”الجزية على غير المسلمين.. عقوبة
أم ضريبة؟”. ويستعد الآن لإصدار كتاب عن غزوات الرسول.
رشحه
مجمع البحوث الإسلامية لجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية،
تقديرا لكتاباته التي أنصف فيها الإسلام، وفند آراء المستشرقين الذين دأبوا
على الهجوم والافتراء على الإسلام، وهي أول مرة يرشح فيها مجمع البحوث
شخصية مسيحية منذ إنشائه.
وفي
حوار خاص لـ”إسلام أون لاين.نت” مع الدكتور نبيل لوقا بباوي، أكد على
ضرورة فهم الحكمة الإلهية في اختلاف الأديان السماوية، وترك مناقشة العقائد
والاهتمام بنشر السلام الاجتماعي الذي دعت إليه جميع الأديان. وهذا نص الحوار:
* كيف بدأ مشوار الاهتمام بالثقافة الإسلامية والرد على افتراءات المستشرقين عليها؟
-
درَست الشريعة الإسلامية عندما كنت طالبا في كلية الحقوق، كما أصبح عندي
قاعدة عريضة من الثقافة الإسلامية من خلال جمع المادة العلمية لرسالة
الدكتوراة التي أعددتها في الشريعة الإسلامية بعنوان: “حقوق وواجبات غير
المسلمين في المجتمع الإسلامي”، وقد دفعني الهجوم الشرس الذي يتعرض له
الإسلام والمسلمون من بعض المنظمات الغربية والأمريكية إلى الكتابة عن
الإسلام لتوضيح الصورة الصحيحة عنه وعن رموزه، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر
2001. وتصديت في كتابي الأول للرد على الافتراء القائل بأن الإسلام قد
انتشر بحد السيف، وفي كتابي الثاني رددت على من يقولون بأن الإسلام يحرض
على الإرهاب، وكان عنوان الكتاب: “الإرهاب ليس صناعة إسلامية”، وقد تمت
مراجعة هذه الكتب في الأزهر الشريف، وقوبلت بترحاب كبير برغم حساسية موقفي
كمسيحي.
* ما الدافع الذي جعلك تتحمس للدفاع عن الإسلام في ندواتك ومؤلفاتك؟
-
أنا لا أدافع عن الإسلام، فالإسلام بما فيه من مبادئ سامية في القرآن
والسنة قادر على الدفاع عن نفسه، ولكنني في حقيقة الأمر باحث علمي محايد
أؤمن بالمسيحية الأرثوذكسية، أتناول ما يردده الغرب تجاه الإسلام والمسلمين
بالافتراء والغمز واللمز، وأرد عليه كباحث علمي فقط، بحيث أتناول الموضوع
بحيدة شديدة وبموضوعية دون تعصب، حتى لا أدخل في متاهات المتعصبين من
المسيحيين أو المسلمين.
وقد
انتابني نوع من الاستياء الشديد بسبب الهجمة الشرسة التي زادت على الإسلام
والمسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر، فقبل هذه الأحداث كان بعض المستشرقين
يهاجمون الإسلام والمسلمين وهم يرتدون نظارة سوداء من الحقد والكراهية
لتشويه صورة الإسلام، ولكننا فوجئنا بعد أحداث سبتمبر أن اشترك في هذه
الحملة الشرسة الساسة الأمريكيون والإعلاميون الغربيون، وأخذوا يرددون
كلاما يقطر سما وحقدا وكراهية، وللأسف اشترك معهم بعض القساوسة المتعصبين
من الغرب وأمريكا، منهم القسيس جبريل أحد زعماء الائتلاف المسيحي في
أمريكا، وردد ألفاظا أقل ما يقال عنها أنها غير حضارية، فكيف يقال عن
الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أنزلت عليه رسالة سماوية يؤمن بها اليوم
أكثر من مليار وربع المليار نسمة إنه إرهابي وقاطع طريق؟!.
* في رأيك، ما الأسباب الحقيقية لهذه الهجمة الشرسة على الإسلام؟ وما الهدف منها؟.
-
الغرض سياسي معروف، حيث تحاول أمريكا تنفيذ نظرية صموئيل هنتنجتون أستاذ
العلوم السياسية بجامعة هارفارد، المستشار السياسي للمخابرات المركزية
الأمريكية، التي نشرها في كتاب صراع الحضارات ونظام الدولة الجديد عام
1998م. والغرض من هذه النظرية هو هدم الحضارات السابقة وفرض الحضارة
الغربية.
فأمريكا الآن في مرحلة تكوين النظام العالمي الجديد الأحادي القيادة، وتفعل ذلك من خلال محورين:
1–
القيادة المطلقة لأمريكا، وفرض الحضارة الغربية على حضارات العالم. وما
يحدث في أفغانستان والعراق وفلسطين ما هو إلا نوع من فرض الهيمنة الأمريكية
والحضارة الغربية بالعنف. وتجلى ذلك أيضا من خلال مشروع الشرق الأوسط
الكبير.
2-
التشكيك والافتراء على الإسلام ورموزه لإزالة الحضارة الإسلامية، ووضع
الإسلام في حالة المدافع عن نفسه. وهو ما يقوم به الإعلام الغربي بكل قوته.
* بعد تعمقك في دراسة الدين الإسلامي، ما الحقيقة التي تحب أن يفهمها العالم عن الإسلام والمسلمين؟.
-
لا بد أن يحرص الدعاة المسلمون على تصدير الثقافة الإسلامية صحيحة للغرب،
كما أن الإسلام يجب أن يكون حجة على تصرفات تابعيه، وليس تصرفات تابعيه
حجة عليه. إن الغرب يكيل بمكيالين، وينسب للإسلام تصرفات بعض المسلمين
التي لا يقرها الإسلام، فالإسلام لا يقر الإرهاب وقتل النفس.
ومن
ناحية أخرى فالإرهاب ظاهرة عالمية مارسها أتباع كل الأديان، ففي عام 1995
وضعت جماعات التعصب المسيحي في أوكلاهوما طنا ونصف الطن من الديناميت أمام
أحد المباني الفيدرالية، وفجروا هذه الكمية من المتفجرات عن بُعد، ودُمر
المبني، وقُتل 168 وأصيب 320 أمريكيا، وقُتل 20 طفلا كانوا موجودين
في حضانة أبناء الموظفين بالمبنى. وذكرت وكالات الأنباء أن من قام بهذا
العمل 3 أشخاص ملامحهم شرق أوسطية، ثم ثبت أن مرتكب الحادث شخص ينتمي
لجماعة متطرفة مسيحية. فهل قال أحد إن هذا إرهاب مسيحي؟!.
وفي
عام 1996 قامت جماعات العنف المسيحية بمهاجمة بعض المباني في فرنسا،
ووضعوا متفجرات في محطات مترو الأنفاق، وقتلوا 194 شخصا. هذا بالإضافة
إلى ما يفعله الإسرائيليون كل يوم، وما فعلوه في قانا وفي صبرا وشاتيلا.
وكلنا نتذكر الإرهابي الإسرائيلي الذي دخل المسجد الإبراهيمي عام 1996،
وقتل بمدفع رشاش 94 مسلما، فهل قال أحد إن هذا إرهاب يهودي؟!.
فالغرب
إذن يركز على مهاجمة الإسلام لأغراض سياسية، وهو ما يضع على عاتق الدعاة
المسلمين مسئولية خطيرة، وهي توضيح صورة الإسلام الحقيقية التي تدعو
للسلام، حيث يقول الله تعالى في سورة البقرة، الآية 208: (يَا أَيهَا
الذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السلْمِ كَافة)، وفي سورة الأنفال، الآية
61: (وَإِن جَنَحُوا لِلسلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكلْ عَلَى اللهِ
إِنهُ هُوَ السمِيعُ الْعَلِيمُ)، وتحية الإسلام نفسها تدل على السلام
والرحمة.
لقد
أنزل الله تعالى 3 ديانات سماوية، لا ليتشاجر أتباع كل ديانة، فالقرآن
الكريم يقول: (وَإِن جَنَحُوا لِلسلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكلْ عَلَى
اللهِ إِنهُ هُوَ السمِيعُ الْعَلِيمُ)، وفي الإنجيل نفس المعنى، فقد ورد
في إنجيل لوقا إصحاح 2: (المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام). كما
ورد في إنجيل لوقا أيضا إصحاح 10: (وأي بيت دخلتموه فقولوا سلام لأهل
البيت فإن كان ابنا للسلام يحل سلامكم عليه).
فحجر
الزاوية في الأديان السماوية هو عبادة الله الواحد. والتنافس بين أتباع كل
دين في العمل الصالح والبعد عن المفاسد، ففي القرآن الكريم يقول الله
تعالى في سورة التوبة الآية 105: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ
عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) ونفس المعنى في إنجيل متى إصحاح
5: (يروا أعمالكم الحسنة فيمجدوا أباكم الذي في السماوات).
والديانات
السماوية ديانات محبة وتآخٍ، حتى مع الأعداء، يقول إنجيل متى في الإصحاح
الخامس: (أما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم، وباركوا لاعنيكم، وأحسنوا
إلى مبغضيكم). ويقول محمد صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة في العام السابع
الهجري لمن حاولوا قتله: (اذهبوا فأنتم الطلقاء).
كما
تهدف الأديان السماوية إلى السلام الاجتماعي بين البشر إلى أن يرث الله
الأرض ومن عليها، يقول تعالى في سورة هود الآية 118: (وَلَوْ شَاءَ رَبكَ
لَجَعَلَ الناسَ أُمة وَاحِدَة وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)، وتدل
الآية الكريمة على أن الاختلاف أمر بمشيئة الله وليس بمشيئة البشر،
وبالتالي يجب ألا يكون التنافس في العقائد، وإنما في المبادئ الاتفاقية مثل
المحبة، والتعاون، والسلام… إلخ، ويترك الحساب لرب العباد وليس للبشر.
وحتى نعيش في سلام اجتماعي يجب أن أحترم خصوصياتك، حتى ولو لم أعترف بها، وفي المقابل يجب أن تحترم خصوصياتي حتى ولو لم تعترف بها.
* هل حدثت لك أية مضايقات بسبب اهتمامك بالرد على افتراءات المستشرقين الغرب؟
-
بالتأكيد قابلت متعصبين مسيحيين ومسلمين رفضوا ما أدعو له، وقاموا بسبي
وقذفي على صفحات الجرائد والإنترنت، واتهموني بأنني عميل للحكومة. ولكني
أتجاهل كل هذا ولا ألقي له بالا، فقد قاموا بسب البابا شنودة سابقا واتهموه
بنفس التهم. فأنا باحث علمي أقابل الحجة بالحجة ولا أمل مناقشة أفكاري
طالما أنها في الإطار العلمي بعيدا عن الافتراءات والأكاذيب.
* “مشاكل الأقباط في مصر” كان عنوان أحد كتبك، فما هي هذه المشاكل؟
-
للأقباط في مصر مشاكل داخلية مثلهم في ذلك مثل المسلمين، وهذا لا يعني
أنهم مضطهدون كما يزعم بعض المغرضين، وقد قصدت في كتابي أن نحل هذه
المشاكل داخليا بدلا من ترديد مزاعم القلة المتعصبة التي تجري خلف بعض
المنظمات المغرضة. وقد تحدثت في كتابي “مشاكل الأقباط وحلولها” عن هذه
المشاكل، ومنها مشكلة الخط الهمايوني لبناء وترميم الكنائس، فقد كان هناك
قرار منذ أيام الحاكم العثماني يقضي بضرورة موافقة الحاكم شخصيا على البناء
أو الترميم، وزعم بعض المتعصبين أن هذا القرار معمول به حتى الآن. لكن
الحقيقة أنه صدر قرار جمهوري عام 1998 يقضي بأن يتولى المحافظون إصدار هذه
التراخيص. ولقد ذكر البابا شنودة أن عدد الكنائس التي تمت الموافقة على
بنائها في عهد الرئيس مبارك أكثر منها في أي عهد آخر.
ومن
المشاكل التي ذكرتها في كتابي أيضا إذاعة القُداس في الإذاعة والتليفزيون،
واختيار بعض الوزراء من الأقباط، وإبراز التاريخ المشرف لبعض الأقباط ضمن
تاريخ مصر، وتنقية الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي من التعصب. وغالبية هذه
المشاكل تم حلها.
* لماذا لم يتحرك مسيحيو العالم للدفاع عن المقدسات المسيحية بفلسطين؟
-
الحادث أن الضمير المسيحي في الغرب -خاصة الحكام المسيحيين- في حالة سبات
ونوم عميق حتى لا يُغضبوا أمريكا ويقعوا تحت طائلة العقوبات الأمريكية. فما
حدث في كنيسة المهد التي وُلد بها السيد المسيح ومحاصرتها وضربها بالقنابل
كان يحرك الحجر، لكنه لم يحرك ضمير الحكام المسيحيين؛ لأن السياسة
العالمية اليوم هي سياسة المصالح، ماذا تعطيني في مقابل ما أعطيك؟ إن
العالم تحكمه مصالح سياسية بعيدة عن التعصب الديني، ففي أمريكا 6.2 ملايين
يهودي أمريكي، لا يستطيع حزب من الأحزاب -الديمقراطية أو الجمهورية- تجاهل
هذه الأصوات الانتخابية، خاصة بعد نجاح بوش الابن في الانتخابات الأخيرة
بفارق 825 صوتا عن آل جور. ومن جانب آخر نجد اللوبي الإسرائيلي يحمي حمى
الدفاع عن إسرائيل في كل تصرفاتها، ويقوم بدور كبير في تحريك العالم في
الجهة التي يريدها.
* في رأيك، كيف تعود الحضارة الإسلامية لقوتها السابقة؟
-
يحدث هذا لو تمسكنا بمبادئ وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، يقول الله
تعالى في قرآنه الكريم: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعا وَلاَ
تَفَرقُوا)، ولكن الملاحظ اليوم أن الحروب بين الدول الإسلامية بعضها البعض
أكثر من حروبها مع الدول غير الإسلامية. التعاون والتكامل بين الدول
العربية والإسلامية أقل بكثير من التعاون مع الدول غير الإسلامية مما أدى
إلى إثراء الاقتصاد الغربي وضعف وفقر الاقتصاد الإسلامي. كما أن الخصام بين
الحكام العرب والمسلمين ظاهرة حياتية في كل العصور والأزمان، وحرص الحكام
العرب على الخطب الرنانة التي تمجد أعمالهم وسياستهم بعيدا عن الاهتمام
بالأخذ بأساليب القوة.
إرسال تعليق