إذا مات الإله بصنع قوم *** أماتوه فما هذا الإله
وهل أرضاه ما نالوه منه *** فبشراهم إذا نالوا رضاه
وإن سخط الذي فعلوه فيه *** فقوتهم إذا أوهت قواه
وهل بقي الوجود بلا إله *** سميع يستجيب لمن دعاه
وهل خلت الطباق السبع لما *** ثوى تحت التراب وقد علاه
وهل خلت العوالم من إله *** يدبرها وقد سمرت يداه
وكيف تخلت الأملاك عنه *** بنصرهم وقد سمعوا بكاه
وكيف أطاقت الخشبات حمل الإله *** الحق شد على قفاه
وهل عاد المسيح إلى حياة *** أم المحيي له رب سواه
ويا عجبا لقبر ضم ربا *** وأعجب منه بطن قد حواه
أقام هناك تسعا من شهور *** لدى الظلمات من حيض غذاه
وشق الفرج مولودا صغيرا *** ضعيفا فاتحا للثدي فاه
ويأكل ثم يشرب ثم يأتي *** بلازم ذاك هل هذا إله
تعالى الله عن إفك النصارى *** سيسأل كلهم عما افتراه
أما بيان استحالة انه ابن الله عقلا فقد أحسن شيخ الإسلام في تلخيص ذلك فقال ما ملخصه:
و لهذا امتنع عليه أن يلد وأن يولد، وذلك أن الولادة والتولد وكل ما يكون
من هذه الألفاظ لا يكون إلا من أصلين وما كان من المتولد عينا قائمة بنفسها
فلا بد لها من مادة تخرج منها.
فالأول نفاه بقوله أحد فإن الأحد هو الذي لا كفؤ له ولا نظير، فيمتنع أن تكون له صاحبة، ولهذا قال تعالى: أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {الأنعام: 101}
والثاني: نفاه بكونه سبحانه الصمد، فهذا المتولد من
أصلين يكون بجزئين ينفصلان من الأصلين كتولد الحيوان من أبيه وأمه بالمنى
الذي ينفصل من أبيه وأمه وهذا ممتنع في حق الله تعالى فإنه صم لا يخرج منه
شيء.
ومما يدل أيضا على استحالة ذلك أنه يستلزم وصفه
تعالى بالنقص والحاجة والفقر، فإن الولد يتخذه المتخذ لحاجته إلى مساعدته
ومعاونته له، ولذا حمد سبحانه نفسه على عدم اتخاذه الولد لما في ذلك من
كمال صمديته وغناه وملكه وعبودية كل شيء له قال تعالى: قَالُوا
اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا
أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {يونس: 68} وعلى كل حال، فهذا الاعتقاد فاسد فسادا ظاهرا يغني عن تكلف إيراد الدليل على بطلانه وقد صدق من قال:
وليس يصح في الأذهان شيء *** إذا احتاج النهار إلى دليل
والله أعلم.
إرسال تعليق